كرامات الشيخ أحمد بمب

"كرامات الشيخ أحمد بمب خديم رسول الله صلى الله عليه وسلم"... كتابٌ قرأتُه

 

 

 
وُفقتُ لقراءة كتابٍ مُهم لم يُنشر بعدُ، عنوانه"كرامات الشيخ أحمد بمب خديم رسول الله صلى الله عليه وسلمللشيخ العلامة الدكتور محمد بن أحمد مسكه بن العتيق الباركي اليعقوبي الموريتاني، صاحب كتاب "فتاوى ابن تيمية في الميزان"، وفي هذه السطور أود أن أعرضه عرضا وجيزا للسادة القراء.
 
المحتوى 
يحتوي هذا الكتاب على مقدمة وأبواب ثلاثة؛ أولها في حياة الشيخ أحمد بمب وثانيها في شهادات مشايخ عصره وعلمائه له بالفضل والولاية وثالثها في كراماته.
تناول المؤلف في المقدمة كرامات الأولياء من حيث ثبوتها عقلا ونقلا لدي أهل السنة والجماعةوقبل ذكر دلائل ثبوتها من الكتاب والسنة والإجماع، قام بتعريف الكرامة وانتقد ما يسميه "الروح الاعتزالية الديكارتية الإلحادية السائدة في هذا العصرالتي أدت لدى كثير من المثقفين "إلي الشك في كثير من الغيبيات الثابتة في الشرع مثل الجن وكرامات الأولياء وكشوفاتهم"، ثم أورد جملة من الكرامات التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ومن كرامات الصحابة وكشوفاتهم ومن كرامات الأولياء مثل رؤية الملك والجن وسمع كلامهم والإخبار بالمغيبات ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الباب الأول، تعرض لنشأة الشيخ الخديم ونسبه ودراسته وصفاته وبعض تصرفاته وسلوكياته ومجاهداته ومآثرهوفي الباب الثاني أورد الكاتب جملة من أقوال الأئمة والعلماء الصالحين الذين شهدوا للشيخ بالولاية ومن عيون شعرهم الرائق البليغ، واكتفى بشهادة من يصفهم بـ"أقران الشيخ من علماء الشريعة ومشايخ الطرق الصوفية". وقد استهل ذلك بمقولة أحد بلغاء العلويين في شأن الشيخ وهي : "أن الشيخ أحرق ولايته بالشهودويعني أن الأدلة على ولاية الشيخ بلغت مبلغا من الكثرة والوضوح يستحيل معه الشك فيها. 
وفي الباب الثالث المخصص لكرمات الشيخ ابتدأ المؤلف بذكر بعض الخوارق المتصلة بحياته كتحمله "لنمط من العبادة يبدو مستحيلا لأول وهلة"(ملازمة الطهارة، تجديد الوضوء لكل فريضة، ملازمة الجماعة، كثرة الصوم، قلة النوم بساطة الأكل …وكثرة من هدى الله به من الكفار ومن عصاة المسلمين وغفَلتهم، وكذلك حصوله على قبول جميع المسلمين وكثرة من تتلمذ له من البياضين، وتلازم ذكره لذكر الرسول صلى الله عليه وسلم.
 وبعد هذه التوطئة ذكر المؤلف كثيرا من كرامات الشيخ الحسية التي بلغتها ممن يصفهما بـ"الوليين العالمين الشاعرين الشيخ سيدي أحمد بن إسمه والشيخ محمد بن إدشاغ عمر اليعقوبيالذين أتيح له التبرك بصحبتهما والانتساب إلي جنابهما ومن أتباعهما وتلاميذهما.

ويبلغ عدد ما رواها من الكرامات نقلا عن هؤلاء حوالي ٢٧ حكاية بالإضافة إلى ما نقلها من بعض المؤلفات وهي: 

  1. "رحلة شيخي الشيخ أحمد بمب في غيبته البحريةللشيخ محمد بن الشيخ أحمد الشريف الحسني
  2. "الجلاء إلى غابون" باللغة الفرنسية للشيخ عبد الله جيي
  3. "دليل الحائر في غيبة الشيخ في الجزائرللشيخ محمد الأمين ابن الشيخ الخديم
  4. "منن الباقي القديمللشيخ محمد البشير امباكي
  5. "المنح المسكية في الخوارق البكيةللشيخ محمد الأمين جوب الدغاني 

وقد ختم الباب بإثبات مقام الغوثية والقطبانية للشيخ الخديم بجملة من الشواهد وذيَّله ببعض كرامات مريد الشيخ الشيخ سيد أحمد بن إسمه وبتقريظ للشيخ أحمد يعقوب بن محمد فال بن سيد إبراهيم.

 
 
 

 

سبب التأليف والمنهجية 
ذكر المؤلف في التقديم أن الدافع وراء تأليف هذا الكتاب أن الله تعالى منَّ عليه بصحبة مريدي الشيخ أحمد بمب من العلماء الموريتانيين الذين سلكوا على يديه ولم يزل يسمع منهم حكاية كراماته ومجاهداته وإنفاقه وتمسكه بآداب الشريعة وأخلاقه الفاضلة ولم يقيد شيئا حتى توفي من كانوا قد اتصلوا به، فرأى أن يقيد بعض تلك الكرامات قبل أن تندثر بمرور الزمن وموت رواتها.
وقد اقتصر المؤلف على ما أمكنه الوصول إليه ولم يتعرض للكرامات التي دُونت في الكتب المنشورة إلا لماما كما قال في المقدمةوالمؤلف كان حريصا علي إثبات أقواله بالدلائل وتوثيق اقتباساته بتحديد المصدر والصفحة ورواياته بذكر السند المتصل، وجل هذه الروايات منقولة من المعنيين بالواقعة أو من شاهدوها عيانا. 
خاتمة 
الكتاب قيم في مجاله ويتسم بالمنهجية في التناول والموضوعية في المعالجة وإن كان للموضوع صلة وثيقة بعقيدة المؤلف وبانتمائه إلى طريقة الشيخ الخديم فإنه بذل جهده لتحري الصحة في رواياته التي ينقلها ممن يثق بأمانتهم وصلاحهم وحرص على الاستدلال على أطروحاته بأدلة قوية من الكتاب والسنة وأقوال السلف. 
ومن ناحية أخرى يبدو أن المؤلف لم يتمكن من إخراج كتابه على الشكل المرضي واللائق به ويشهد لذلك كثرة الإضافات والتصحيحات وعمليات الشطب في بعض المواضع. 

 

 
 
 
 
 
ومع ذلك، نرى أن الكتاب يستحق العناية وبذل الجهد حتى يخرج إلي النور بشكل جيد نظرا لكونه مرجعا مهما في بابه واعتبارا لمكانة مؤلفه العلمية الرفيعة ولما فيه من معلومات يصعب العثور عليها في غيره.
لتحميل كتاب "كرامات الشيخ أحمد بمب" انقر هنا